ماذا حقق العرب من ثورتهم؟.... بقلم : محمد سعيد فضلون
16/5/2014, 02:00
"واحد واحد واحد الشعب العربي واحد"، "يا علم العرب أشرق واخفُق" ، "لا لمصادرة الأراضي والأملاك" ، "عاش العرب ويسقط السفاح" ، "من حق العرب أن يكون لهم خليفة" ، "لا للتجنيد الإجباري للدفاع عن الأراضي العثمانية" ، "دعونا نشترك مع الحلفاء ضد العثمانيين".
نعم هذا المقال لن يحوي في طياته ما حققه العرب بعد ثورات الربيع العربي، فمنذ بدأنا ونحن نقول سنتعب أولاً لنستريح آخراً، ومن الطبيعي بعد التخلص من الطغات أن نعيش فترة من عدم الاستقرار، ومن ثم سنبدأ ببناء الدولة والمجتمع الذي نرنو إليه. وبما أننا نعلم أن وقوع الشيء بالماضي قد ينبئ بتكراره بالمستقبل قررت أن أبحث عن بعض ثورات العرب خلال الأعوام الماضية لأرى ماذا حققوا من ثوراتهم، وهنا لم ولن أجد أعظم وأهم من "الثورة العربية الكبرى".
الثورة العربية الكبرى والتي مضى عليها ما يقارب المائة عام، وكان جل أهدافها يتمثل بإقامة دولة عربية، والتخلص من الاحتلال العثماني، وذلك يكون بأن يتولى الأمر أهله ويكون الخليفة عربي. وفي عام 1916 بدأ تعب أجدادنا وتضحيتهم بالرجال والمال لنعيش نحن أحرار وسعداء، ورضوا أن يعيشوا فترة من عدم الاستقرار لأجلنا، و بدؤوا يقولون لا للظلم والظالم، لا للطغيان والطغاة، قاموا ضد الدولة العثمانية، ضد جمال باشا الذي لقب بالسفاح لإعدامه العشرات في ساحات دمشق وبيروت. وفي ذلك الحين وقًع العرب ميثاق دمشق والذي ينص على خلع طاعة الدولة العثمانية، وإقامة الدولة العربية الموحدة. وهنا لم تقف دول العالم مكتوفة الأيدي، على العكس تماماً ساعدت بالمال والسلاح، ساعدت المسلمين العرب لقتال المسلمين العثمانيين من أجل أن ينالوا حريتهم.
انتصر أجدادنا برجالهم وسلاح غيرهم، وبعض الأسلحة التي استحوذوا عليها من مستودعات الدولة العثمانية، أصبحوا أحراراً وتمكنوا من طرد القوات العثمانية من الحجاز، واقترب العرب من إعلان إقامة الدولة العربية الموحدة في الجزيرة والمشرق. ولكن رؤيتهم بأن ينهوا الاحتلال العثماني بأي وسيلة متاحة كان خطأ كبيراً، وأدركوا بعدها أن الغاية النبيلة لا تسلم من أثر الوسيلة الدنيئة، ونتائج ثورتهم لم ترتقي لمستوى الطموح وللدماء التي هدرت، إذ بدأت بعض الدول تنفذ مخططاتها، إذ كل ما فعلته أنها ضربت طرف بطرف أخر لتبقي على طرف ضعيف يلملم جراحة وتضع يدها وسيطرتها على الطرف الأضعف، فقسمت البلاد العربية إلى مناطق عسكرية، قمعت الحريات واحتلت الأراضي، وأصبح العرب بلا وزن وبلا خطر على دول العالم أجمع، وصار حالهم كحال قطعة الحلوى كل دولة من الدول العظمى تسعى للحصول على قطعة أكبر من أراضيهم.
تحرر العرب في عام 1918 ومضى على نجاح ثورتهم ما يقارب المائة عام، وخلال هذه الأعوام قسمت الأراضي العربية إلى مستعمرات، ضاعت فلسطين، تقاتل الأخوة في لبنان، خسرنا الجولان، هدرت الدماء الجزائرية، تفكك الصومال، احتلت العراق الكويت، ضاعت العراق في نفق الطائفية، قُسمت السودان، تقاتل الأخوة في فلسطين، حكم الطغاة البلاد، وجلب الطغاة الغزاة. وكثير من الأمور التي لا يسعنا ذكرها ولكن تتلخص بأن العرب خلال هذه الأعوام كانوا يختارون دوماً بين السيئ و الأسوأ، ولجهلهم ببواطن الأمور كانوا يختارون دوماً الأسوأ.
هذا بعض ماضينا ولا أجدنا اليوم بحالٍ أحسن من الحال التي كان عليها أجدادنا. فللأسف منذ مئة عام والعرب هم العرب ونتائج ثوراتهم لا تنبئ أصلاً بأنها ستكون أفضل من سابقتها، فها هي بعض الشعوب أثبتت أنها لا تستطيع العيش من دون صنم تعبده، وشعوب أخرى تنادي يومياً بتقسيم البلاد، وأخرى تقاتلت بين علمانيين وإسلاميين.
فما يدرينا أن ما يجري في سوريا ظاهره نظام يريد السلطة و معارضة تريد الحرية وباطن أمره سيناريوهات كثيرة قد تتباعد أو تتقارب ولكن غايتها الأساسية القضاء على الشعب السوري بأكمله (مؤيدين ومعارضين)، والغريب أن هذه المخططات معلنه ولا أحد يبالي بها، فكم وكم سمعنا أن بعض الدول تريد توريط أكبر قوى اقتصادية (تركيا) مع أقوى قوة عسكرية (إيران)، مع أقوى قوة مالية (الخليج)، في صراع على أرضنا يستمر لسنوات يخرج منه العالم العربي والإسلامي صحراء قاحلة.
ومخططات أخرى غايتها تقسيم سوريا إلى دويلات تقاتل بعضها بعضاً إلى أن يأتي الطرف الذي يستخدمنا لحاجته ليقضي على الجميع وتصبح الأرض أرضه من دون تعب ولا جهد. كيف نسينا دولة منذ تأسيسها وهي تقول "حدودنا من الفرات إلى النيل"، و أخرى تعتبر أن أي مكان وطئه جندي من جنودها هو ملكٌ لها. كيف نرضى أن نبذل دمائنا لتحقيق غاية غيرنا ظناً منا أننا نحقق غايتنا؟. كيف للسوري أن يقتل سورياً أخر ولا يتأثر، وعلى العكس تماماً يرجوا ثواب ذلك في الحياة الدنيا والأخرة، كيف فهم السوري أن قتل أخيه السوري هو قربة إلى لله، كيف للأخ أن يقتل أخيه وهو يظن أنه يحافظ على وطنه ودينه. كيف للسوري وأرضه أرض الديانات أن ينسى قول رسول لله (من قاتل تحت راية عميه مات ميتة جاهلية).
في النهاية لم أقل ما قلت لأسب ماضينا أو لأنعى مستقبلنا، ولا لأن أكون مع المستبدين المتسلطين الظلمة. ولا لأن ألوم الأطراف التي تتلاعب بنا (إذ لا يلام الصياد على ضعف فريسته وإن لم نكن فريسةً لهم كنا فريسةً لغيرهم). كل ما أردته أن أذكر بماضينا الذي لا يمكننا نسيانه وأنتقد واقع حالنا الذي لا يمكننا إنكاره (وأنا على علم بأن من يَنتقد في شرعنا يعامل معاملة العدو، وإن لم يكن مصيره الحبس من قبل طغاة الأرض كان مصيره التخوين والعمالة من قبل دعاة الحرية).
ومع ذلك، كل ما أبتغيه أن نلاحظ الخطر المحيط بنا جميعاً (مؤيدين ومعارضين)، وأن نذكر أن "الحرية" أو "محاربة الإرهابيين" لا تحقق بالبطش وسفك الدماء والتخوين والإقصاء بين أبناء البلد الواحد، فها هو عقد سوريا يوشك أن ينفرط إلى الأبد، وما زلنا نطلب المدد من دولاٍ لتدعمنا في قتل أخواننا وهي تُهلكُ أموالنا ورجالنا، وإن بقينا على ما نحن عليه ستغرق بنا السفينة جميعاً ولن يكون طرفٌ فينا منتصر أو فائز. مهمتنا جميعاً أن نساهم بنبذ مظاهر التشتت والتفرقة، وأن ننشر العلم والسلام، وإلا لا سمح لله سنقول قريباً "على سوريا وأهلها السلام".
نعم هذا المقال لن يحوي في طياته ما حققه العرب بعد ثورات الربيع العربي، فمنذ بدأنا ونحن نقول سنتعب أولاً لنستريح آخراً، ومن الطبيعي بعد التخلص من الطغات أن نعيش فترة من عدم الاستقرار، ومن ثم سنبدأ ببناء الدولة والمجتمع الذي نرنو إليه. وبما أننا نعلم أن وقوع الشيء بالماضي قد ينبئ بتكراره بالمستقبل قررت أن أبحث عن بعض ثورات العرب خلال الأعوام الماضية لأرى ماذا حققوا من ثوراتهم، وهنا لم ولن أجد أعظم وأهم من "الثورة العربية الكبرى".
الثورة العربية الكبرى والتي مضى عليها ما يقارب المائة عام، وكان جل أهدافها يتمثل بإقامة دولة عربية، والتخلص من الاحتلال العثماني، وذلك يكون بأن يتولى الأمر أهله ويكون الخليفة عربي. وفي عام 1916 بدأ تعب أجدادنا وتضحيتهم بالرجال والمال لنعيش نحن أحرار وسعداء، ورضوا أن يعيشوا فترة من عدم الاستقرار لأجلنا، و بدؤوا يقولون لا للظلم والظالم، لا للطغيان والطغاة، قاموا ضد الدولة العثمانية، ضد جمال باشا الذي لقب بالسفاح لإعدامه العشرات في ساحات دمشق وبيروت. وفي ذلك الحين وقًع العرب ميثاق دمشق والذي ينص على خلع طاعة الدولة العثمانية، وإقامة الدولة العربية الموحدة. وهنا لم تقف دول العالم مكتوفة الأيدي، على العكس تماماً ساعدت بالمال والسلاح، ساعدت المسلمين العرب لقتال المسلمين العثمانيين من أجل أن ينالوا حريتهم.
انتصر أجدادنا برجالهم وسلاح غيرهم، وبعض الأسلحة التي استحوذوا عليها من مستودعات الدولة العثمانية، أصبحوا أحراراً وتمكنوا من طرد القوات العثمانية من الحجاز، واقترب العرب من إعلان إقامة الدولة العربية الموحدة في الجزيرة والمشرق. ولكن رؤيتهم بأن ينهوا الاحتلال العثماني بأي وسيلة متاحة كان خطأ كبيراً، وأدركوا بعدها أن الغاية النبيلة لا تسلم من أثر الوسيلة الدنيئة، ونتائج ثورتهم لم ترتقي لمستوى الطموح وللدماء التي هدرت، إذ بدأت بعض الدول تنفذ مخططاتها، إذ كل ما فعلته أنها ضربت طرف بطرف أخر لتبقي على طرف ضعيف يلملم جراحة وتضع يدها وسيطرتها على الطرف الأضعف، فقسمت البلاد العربية إلى مناطق عسكرية، قمعت الحريات واحتلت الأراضي، وأصبح العرب بلا وزن وبلا خطر على دول العالم أجمع، وصار حالهم كحال قطعة الحلوى كل دولة من الدول العظمى تسعى للحصول على قطعة أكبر من أراضيهم.
تحرر العرب في عام 1918 ومضى على نجاح ثورتهم ما يقارب المائة عام، وخلال هذه الأعوام قسمت الأراضي العربية إلى مستعمرات، ضاعت فلسطين، تقاتل الأخوة في لبنان، خسرنا الجولان، هدرت الدماء الجزائرية، تفكك الصومال، احتلت العراق الكويت، ضاعت العراق في نفق الطائفية، قُسمت السودان، تقاتل الأخوة في فلسطين، حكم الطغاة البلاد، وجلب الطغاة الغزاة. وكثير من الأمور التي لا يسعنا ذكرها ولكن تتلخص بأن العرب خلال هذه الأعوام كانوا يختارون دوماً بين السيئ و الأسوأ، ولجهلهم ببواطن الأمور كانوا يختارون دوماً الأسوأ.
هذا بعض ماضينا ولا أجدنا اليوم بحالٍ أحسن من الحال التي كان عليها أجدادنا. فللأسف منذ مئة عام والعرب هم العرب ونتائج ثوراتهم لا تنبئ أصلاً بأنها ستكون أفضل من سابقتها، فها هي بعض الشعوب أثبتت أنها لا تستطيع العيش من دون صنم تعبده، وشعوب أخرى تنادي يومياً بتقسيم البلاد، وأخرى تقاتلت بين علمانيين وإسلاميين.
فما يدرينا أن ما يجري في سوريا ظاهره نظام يريد السلطة و معارضة تريد الحرية وباطن أمره سيناريوهات كثيرة قد تتباعد أو تتقارب ولكن غايتها الأساسية القضاء على الشعب السوري بأكمله (مؤيدين ومعارضين)، والغريب أن هذه المخططات معلنه ولا أحد يبالي بها، فكم وكم سمعنا أن بعض الدول تريد توريط أكبر قوى اقتصادية (تركيا) مع أقوى قوة عسكرية (إيران)، مع أقوى قوة مالية (الخليج)، في صراع على أرضنا يستمر لسنوات يخرج منه العالم العربي والإسلامي صحراء قاحلة.
ومخططات أخرى غايتها تقسيم سوريا إلى دويلات تقاتل بعضها بعضاً إلى أن يأتي الطرف الذي يستخدمنا لحاجته ليقضي على الجميع وتصبح الأرض أرضه من دون تعب ولا جهد. كيف نسينا دولة منذ تأسيسها وهي تقول "حدودنا من الفرات إلى النيل"، و أخرى تعتبر أن أي مكان وطئه جندي من جنودها هو ملكٌ لها. كيف نرضى أن نبذل دمائنا لتحقيق غاية غيرنا ظناً منا أننا نحقق غايتنا؟. كيف للسوري أن يقتل سورياً أخر ولا يتأثر، وعلى العكس تماماً يرجوا ثواب ذلك في الحياة الدنيا والأخرة، كيف فهم السوري أن قتل أخيه السوري هو قربة إلى لله، كيف للأخ أن يقتل أخيه وهو يظن أنه يحافظ على وطنه ودينه. كيف للسوري وأرضه أرض الديانات أن ينسى قول رسول لله (من قاتل تحت راية عميه مات ميتة جاهلية).
في النهاية لم أقل ما قلت لأسب ماضينا أو لأنعى مستقبلنا، ولا لأن أكون مع المستبدين المتسلطين الظلمة. ولا لأن ألوم الأطراف التي تتلاعب بنا (إذ لا يلام الصياد على ضعف فريسته وإن لم نكن فريسةً لهم كنا فريسةً لغيرهم). كل ما أردته أن أذكر بماضينا الذي لا يمكننا نسيانه وأنتقد واقع حالنا الذي لا يمكننا إنكاره (وأنا على علم بأن من يَنتقد في شرعنا يعامل معاملة العدو، وإن لم يكن مصيره الحبس من قبل طغاة الأرض كان مصيره التخوين والعمالة من قبل دعاة الحرية).
ومع ذلك، كل ما أبتغيه أن نلاحظ الخطر المحيط بنا جميعاً (مؤيدين ومعارضين)، وأن نذكر أن "الحرية" أو "محاربة الإرهابيين" لا تحقق بالبطش وسفك الدماء والتخوين والإقصاء بين أبناء البلد الواحد، فها هو عقد سوريا يوشك أن ينفرط إلى الأبد، وما زلنا نطلب المدد من دولاٍ لتدعمنا في قتل أخواننا وهي تُهلكُ أموالنا ورجالنا، وإن بقينا على ما نحن عليه ستغرق بنا السفينة جميعاً ولن يكون طرفٌ فينا منتصر أو فائز. مهمتنا جميعاً أن نساهم بنبذ مظاهر التشتت والتفرقة، وأن ننشر العلم والسلام، وإلا لا سمح لله سنقول قريباً "على سوريا وأهلها السلام".
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى