- إناس محمدمشرف
- عدد المشاركات : 44
تاريخ التسجيل : 07/02/2014
تحرير الفتنة
4/3/2014, 01:51
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فمن زمن النبوة إلى يومنا هذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها مَرّت وسَتَمُر الأمة بمصائب وحوادث وفتن تَحِيْرُ فيها العقول وتلتبس فيها الأفهام ويصعب على كثير من الناس تحريرها وتشخيصها وإنزالها المنزلة الشرعية.
وفي هذه الأحوال ينبغي للعلماء أن يَتصدّوا لها ويُبيّنوا فيها بيانا شافيا لا لبس ولا خلط فيه ولا يتقهقروا عن هذا البيان بذريعة أنها (فتنة)!
ولعلي أذكر صورا من الحوادث والفتن حصلت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين تُبيّن للقارئ هل هؤلاء بَيّنوا وأقدموا عليها أم أنهم تَوقّفوا أو لَبّسوا على الناس؟!
(الصورة الأولى)
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه(كنا في غَزاةٍ - قال سُفيانُ مرةً : في جيشٍ - فكسَع رجلٌ من المهاجرينَ رجلًا من الأنصارِ، فقال الأنصارِيُّ : يا لَلأنصارِ، وقال المهاجرِيُّ : يا للمهاجرينَ، فسمِع ذاك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( ما بالُ دَعوى جاهليةٍ ) . قالوا : يا رسولَ اللهِ، كسَع رجلٌ من المهاجرينَ رجلًا من الأنصارِ، فقال ( دَعوها فإنها مُنتِنَةٌ) فسمِع بذلك عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ فقال : فعَلوها، أما واللهِ لئِنْ رجَعْنا إلى المدينةِ ليُخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ، فبلَغ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقام عُمَرُ فقال : يا رسولَ اللهِ، دَعْني أضرِبْ عنُقَ هذا المنافقِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( دعه، لا يتحدَّثُ الناسُ أن محمدًا يقتُلُ أصحابَه ) وكانتِ الأنصارُ أكثرَ من المهاجرينَ حين قدِموا المدينةَ، ثم إن المهاجرينَ كثُروا بعدُ)رواه البخاري ومسلم
عند التأمل لهذه الحادثة يستفاد منها الأمور الآتية:
أولا: أن هذه الفتنة قد حصلت بين الصحابة وفي وقت جهاد وهذا يُبيّن أنه قد يحصل بين الأخيار خلاف قد يصل إلى القتال إذا لم يوأد ويطفأ.
ثانيا: إقدام النبي عليه الصلاة والسلام على إطفاء هذه الفتنة ووأدها في مهدها قبل أن تَكبُر وتستفحل ولم يقل أنها فتنة يجب إعتزالها!
ثالثا: أن المنافقين وأهل الأهواء يستغلون الفتن والاختلاف بين المسلمين لإشعاله وبث الشبه والفرقة بين المسلمين كما قال المنافق عبد الله بن أُبيّ أخزاه الله تعالى.
رابعا: ينبغي لقادة الجهاد أن يحتاطوا في ساحات الجهاد ولا يُوجِّهوا بنادقهم لبعض حتى لا تتدحث الدول الكافرة وأعداء الأمة بأن المجاهدين يقتل بعضهم بعضا.
فهؤلاء منافقون تركهم النبي صلى الله عليه وسلم لمصلحة راجحة فكيف بقتل وقتال مسلمين لمفسدة مُحقَّقَة بالشبه والأوهام والظنون!
وغير ذلك من الفوائد.
(الصورة الثانية)
قد حصل في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فتنة وهي قتال مانعي الزكاة وتَحيّر فيها بعض الصحابة في أوّل الأمر ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم أجمعوا على قتالهم وقد ثَبَتَ أبو بكر الصديق رضي الله عنه في هذه الفتنة وأقدم عليها وبَيّن حالها وحال أهلها ولم يسكت أو يعتزل!
وكل هذا في صحيح البخاري وغيره.
(الصورة الثالثة)
قد حصل في زمن عثمان رضي الله عنه فتنةُ اختلاف الناس في قراءة القرآن حتى كادوا أن يقتتلوا بل كفر بعضهم بعضا كما روي عن عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
وجاء عن أنس رضي الله عنه: اجتمع القراء في زمن عثمان رضي الله عنه من أذربيجان وأرمينية والشام والعراق واختلفوا حتى كاد أن يكون بينهم فتنة.
فلما حصل ما حصل بين المسلمين من فتنة بلغت حد التكفير أقدم عقلاء الصحابة كعثمان وحذيفة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وغيرهم فوأدوا هذه الفتنة التي كادت تأكل الأخضر واليابس.
ولم يعتزل أو يسكت هؤلاء الصحابة وغيرهم عن هذه الفتنة بل أقدموا على إطفائها قبل أن تستفحل فيهلك الناس كما قال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك.
وغير ذلك من الصور الكثيرة التي تُبيّن حال العلماء الربانيين في زمن الفتن من إقدامهم على تحرير المسائل و بيان الحق والصدع به.
والفتنة التي يُنْصَحُ باعتزالها هي التي يجتمع فيها ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن تكون بين مسلمين.
الأمر الثاني: أن يكون كلا الفريقين يقاتلون على أمر دنيوي.
الأمر الثالث: أن يكون الحق فيها مُلْتَبس.
أمّا ما كانت بين مسلمين وكفار أو في أمر أُخْرَوي أو الحق فيها واضح فليست من الفتنة في شيء ومَن إلتبس عليه الحق فإنه مأمور باعتزالها على أي حال.
فلو كُلّما حصل اختلافٌ وفتنةٌ إعتزلها العلماء لضَلَّ الناس وذهبت حقوقهم وأموالهم ودماءهم.
قال الطبري رحمه الله تعالى: لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف لما أُقيم حد ولا أبطل باطل ولوجد أهل الفسوق سبيلا إلى ارتكاب المحرمات من أخذ الأموال وسفك الدماء وسبي الحريم بأن يحاربوهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولوا هذه فتنة! وقد نُهِينا عن القتال فيها وهذا مخالف للأمر بالأخذ على أيدي السفهاء.
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: ذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين وحمل هؤلاء الأحاديث الواردة في ذلك[يعني:أحاديث إعتزال الفتنة وما في معناها] على من ضَعُفَ عن القتال أو قصر نظره عن معرفة صاحب الحق.
وعليه: فإن ما يحصل في سُوريّا من اقتتال بين المجاهدين ليس بفتنةٍ يُنْصَحُ باعتزالها وإنما يَتنزَّلُ على ما هو معروف عند العلماء!
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله مُلْتبسًا علينا فنضل.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فمن زمن النبوة إلى يومنا هذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها مَرّت وسَتَمُر الأمة بمصائب وحوادث وفتن تَحِيْرُ فيها العقول وتلتبس فيها الأفهام ويصعب على كثير من الناس تحريرها وتشخيصها وإنزالها المنزلة الشرعية.
وفي هذه الأحوال ينبغي للعلماء أن يَتصدّوا لها ويُبيّنوا فيها بيانا شافيا لا لبس ولا خلط فيه ولا يتقهقروا عن هذا البيان بذريعة أنها (فتنة)!
ولعلي أذكر صورا من الحوادث والفتن حصلت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين تُبيّن للقارئ هل هؤلاء بَيّنوا وأقدموا عليها أم أنهم تَوقّفوا أو لَبّسوا على الناس؟!
(الصورة الأولى)
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه(كنا في غَزاةٍ - قال سُفيانُ مرةً : في جيشٍ - فكسَع رجلٌ من المهاجرينَ رجلًا من الأنصارِ، فقال الأنصارِيُّ : يا لَلأنصارِ، وقال المهاجرِيُّ : يا للمهاجرينَ، فسمِع ذاك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( ما بالُ دَعوى جاهليةٍ ) . قالوا : يا رسولَ اللهِ، كسَع رجلٌ من المهاجرينَ رجلًا من الأنصارِ، فقال ( دَعوها فإنها مُنتِنَةٌ) فسمِع بذلك عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ فقال : فعَلوها، أما واللهِ لئِنْ رجَعْنا إلى المدينةِ ليُخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ، فبلَغ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقام عُمَرُ فقال : يا رسولَ اللهِ، دَعْني أضرِبْ عنُقَ هذا المنافقِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( دعه، لا يتحدَّثُ الناسُ أن محمدًا يقتُلُ أصحابَه ) وكانتِ الأنصارُ أكثرَ من المهاجرينَ حين قدِموا المدينةَ، ثم إن المهاجرينَ كثُروا بعدُ)رواه البخاري ومسلم
عند التأمل لهذه الحادثة يستفاد منها الأمور الآتية:
أولا: أن هذه الفتنة قد حصلت بين الصحابة وفي وقت جهاد وهذا يُبيّن أنه قد يحصل بين الأخيار خلاف قد يصل إلى القتال إذا لم يوأد ويطفأ.
ثانيا: إقدام النبي عليه الصلاة والسلام على إطفاء هذه الفتنة ووأدها في مهدها قبل أن تَكبُر وتستفحل ولم يقل أنها فتنة يجب إعتزالها!
ثالثا: أن المنافقين وأهل الأهواء يستغلون الفتن والاختلاف بين المسلمين لإشعاله وبث الشبه والفرقة بين المسلمين كما قال المنافق عبد الله بن أُبيّ أخزاه الله تعالى.
رابعا: ينبغي لقادة الجهاد أن يحتاطوا في ساحات الجهاد ولا يُوجِّهوا بنادقهم لبعض حتى لا تتدحث الدول الكافرة وأعداء الأمة بأن المجاهدين يقتل بعضهم بعضا.
فهؤلاء منافقون تركهم النبي صلى الله عليه وسلم لمصلحة راجحة فكيف بقتل وقتال مسلمين لمفسدة مُحقَّقَة بالشبه والأوهام والظنون!
وغير ذلك من الفوائد.
(الصورة الثانية)
قد حصل في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فتنة وهي قتال مانعي الزكاة وتَحيّر فيها بعض الصحابة في أوّل الأمر ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم أجمعوا على قتالهم وقد ثَبَتَ أبو بكر الصديق رضي الله عنه في هذه الفتنة وأقدم عليها وبَيّن حالها وحال أهلها ولم يسكت أو يعتزل!
وكل هذا في صحيح البخاري وغيره.
(الصورة الثالثة)
قد حصل في زمن عثمان رضي الله عنه فتنةُ اختلاف الناس في قراءة القرآن حتى كادوا أن يقتتلوا بل كفر بعضهم بعضا كما روي عن عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
وجاء عن أنس رضي الله عنه: اجتمع القراء في زمن عثمان رضي الله عنه من أذربيجان وأرمينية والشام والعراق واختلفوا حتى كاد أن يكون بينهم فتنة.
فلما حصل ما حصل بين المسلمين من فتنة بلغت حد التكفير أقدم عقلاء الصحابة كعثمان وحذيفة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وغيرهم فوأدوا هذه الفتنة التي كادت تأكل الأخضر واليابس.
ولم يعتزل أو يسكت هؤلاء الصحابة وغيرهم عن هذه الفتنة بل أقدموا على إطفائها قبل أن تستفحل فيهلك الناس كما قال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك.
وغير ذلك من الصور الكثيرة التي تُبيّن حال العلماء الربانيين في زمن الفتن من إقدامهم على تحرير المسائل و بيان الحق والصدع به.
والفتنة التي يُنْصَحُ باعتزالها هي التي يجتمع فيها ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن تكون بين مسلمين.
الأمر الثاني: أن يكون كلا الفريقين يقاتلون على أمر دنيوي.
الأمر الثالث: أن يكون الحق فيها مُلْتَبس.
أمّا ما كانت بين مسلمين وكفار أو في أمر أُخْرَوي أو الحق فيها واضح فليست من الفتنة في شيء ومَن إلتبس عليه الحق فإنه مأمور باعتزالها على أي حال.
فلو كُلّما حصل اختلافٌ وفتنةٌ إعتزلها العلماء لضَلَّ الناس وذهبت حقوقهم وأموالهم ودماءهم.
قال الطبري رحمه الله تعالى: لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف لما أُقيم حد ولا أبطل باطل ولوجد أهل الفسوق سبيلا إلى ارتكاب المحرمات من أخذ الأموال وسفك الدماء وسبي الحريم بأن يحاربوهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولوا هذه فتنة! وقد نُهِينا عن القتال فيها وهذا مخالف للأمر بالأخذ على أيدي السفهاء.
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: ذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين وحمل هؤلاء الأحاديث الواردة في ذلك[يعني:أحاديث إعتزال الفتنة وما في معناها] على من ضَعُفَ عن القتال أو قصر نظره عن معرفة صاحب الحق.
وعليه: فإن ما يحصل في سُوريّا من اقتتال بين المجاهدين ليس بفتنةٍ يُنْصَحُ باعتزالها وإنما يَتنزَّلُ على ما هو معروف عند العلماء!
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله مُلْتبسًا علينا فنضل.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى